حذر باحثون بجامعة ماكماستر الكندية من ظاهرة «النحافة الخادعة» أو ما يُعرف علمياً باسم الدهون الحشوية، وهي الدهون التي تتجمع حول الأعضاء الداخلية مثل الكبد والمعدة والقلب، من دون أن تُظهر زيادة واضحة في الوزن أو تؤثر في الشكل الخارجي للجسم.
وبحسب الدراسة التي شملت أكثر من 33 ألف شخص في كندا والمملكة المتحدة، تبين أن هذه الدهون الخفية قد تؤدي إلى تلف الشرايين وزيادة خطر الجلطات والسكتات الدماغية حتى لدى الأشخاص الذين يبدون نحيفين.
دهون تهاجم الشرايين بصمت
أوضحت الدراسة المنشورة في مجلة Communications Medicine أن تراكم الدهون في الأعضاء الداخلية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتصلب وضيق الشرايين السباتية، وهي الأوعية التي تنقل الدم إلى الدماغ.
وأشار العلماء إلى أن ضيق الشرايين قد يكون أيضاً علامة على انسداد المسارات التي تغذي القلب، ما يجعلها مؤشراً مبكراً على أمراض القلب الخطِرة.
وحتى بعد حساب العوامل التقليدية مثل ضغط الدم والكوليسترول، ما زالت الدهون الحشوية ودهون الكبد تسهم في تلف الشرايين.
مؤشر كتلة الجسم لم يعد كافياً
أكدت النتائج أن الاعتماد على مؤشر كتلة الجسم (BMI) لتحديد السمنة لم يعد دقيقاً بما يكفي؛ إذ إن بعض الأشخاص الذين يبدون في الوزن المثالي قد يخفون تراكمات خطِرة من الدهون داخل أجسامهم.
وقالت ماري بيغير من قسم الطب بجامعة ماكماستر إن الوقت قد حان لاستخدام طرق تشخيص أكثر تطوراً مثل فحوص الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي لتقييم توزيع الدهون في الجسم بدقة.
لا يمكنك الحكم على الصحة من المظهر الخارجي
شددت سونيا أناند، الباحثة المشاركة، من أن المظهر الخارجي ليس دليلاً على الصحة:
«لا يمكنك أن تعرف بمجرد النظر إلى شخص ما ما إذا كان يحمل دهوناً حشوية أو دهوناً كبدية خطِرة.. هذه الدهون نشطة، وتسبب التهابات وتضر بالشرايين حتى في الأشخاص الذين لا يبدو عليهم السمنة».
إعادة تعريف السمنة..60% معرضون للخطر
تزامنت هذه النتائج مع دراسة مثيرة للجدل من جامعة هارفارد ومستشفى ماساتشوستس العام، صحيفة نشرتها ديلي ميل، دعت إلى إعادة تعريف مفهوم السمنة ليشمل قياسات إضافية مثل محيط الخصر ونسبة الخصر إلى الطول.
وبحسب التحليل الجديد المنشور في JAMA Network Open، فإن تطبيق التعريف المعدّل سيؤدي إلى زيادة عدد المصنفين كبدناء بنسبة 60%.
في بريطانيا وحدها، سيقفز عدد البالغين المصنفين كبدناء من 13 مليون إلى 21 مليون شخص، ما يثير مخاوف كبيرة بشأن تكاليف الرعاية الصحية وارتفاع معدلات الأمراض المزمنة.
المعايير الجديدة للسمنة
يقترح الخبراء أن يُعتبر الشخص «بديناً»، إذا توفرت مؤشرات مثل:
•محيط خصر يتجاوز 94 سم للرجال و80 سم للنساء.
•أو نسبة خصر إلى طول أعلى من 0.5.
هذه الفئة من الأشخاص، يعانون سمنة معروفة باسم «السمنة الأنثروبومترية»، وهم أكثر عرضة بثلاثة أضعاف لتلف الأعضاء وأمراض الكبد والسكري مقارنة بغيرهم.
قوانين جديدة لمكافحة السمنة في بريطانيا
في ظل هذه النتائج، بدأت الحكومة البريطانية بتطبيق سلسلة من القوانين الصارمة لمكافحة السمنة هذا الشهر، منها:
•حظر عروض «اشترِ واحدة واحصل على الثانية مجاناً» على الوجبات السريعة والمشروبات الغازية.
•منع إعادة تعبئة المشروبات السكرية مجاناً في المقاهي والمطاعم.
•حظر إعلانات الوجبات غير الصحية عبر الإنترنت وقبل الساعة التاسعة مساء على التلفزيون.
ووفق وزارة الصحة البريطانية، تهدف هذه الإجراءات إلى الحد من ارتفاع معدلات السمنة، المرتبطة بما لا يقل عن 13 نوعاً من السرطان، وزيادة بنسبة 39% في حالات السكري من النوع الثاني بين من هم دون الأربعين.
0 تعليق