يأمل الفلسطينيون في قطاع غزة، أن يشاهدوا نهاية قريبة للحرب المدمرة التي يعيشونها منذ نحو عامين، التي أودت بحياة حوالي 65 ألفاً من المدنيين، فيما يعيش باقي السكان في أوضاع مأساوية لانهاية لها من الجوع والتشرد، يرى معها كثيرٌ منهم أن أملهم الوحيد هو قبول حركة «حماس» بالخطة الأمريكية لوقف إطلاق النار والتي أعلن قبولها رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو.
دعم كبير لخطة ترامب
وبحسب تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، يوجد دعم كبير داخل غزة للمقترح الأمريكي تعالت معه المطالبات من السكان لحماس بقبول خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوضع حد للموت والحرب في القطاع.
وقال محمود بلبل، 43 عاماً، عامل بناء بقي في مدينة غزة مع أطفاله الستة في منزلهم المدمر طوال الحرب: «يجب على حماس أن توافق على هذا العرض - لقد مررنا بجحيم بالفعل».
وكشف ترامب عن الاقتراح أثناء لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض يوم الاثنين. وقال ترامب إنه إذا لم تقبل حماس بشروطه، فإنه سيمنح إسرائيل الضوء الأخضر «لإكمال مهمة» تدمير الحركة.
مشاورات مكثفة
ولم تُقدّم حماس ردّها على المقترح بعد، لكنها تؤكد أنها تجري مشاورات مكثفة لدراسة خطة ترامب، وتحتاج إلى مزيد من الوقت، وأكدت أن بنود الخطة الأمريكية تحتاج إلى تعديل خاص بنزع سلاح الحركة، وبمغادرة مقاتليها القطاع. في الوقت نفسه كشفت المقابلات التي أُجرتها «نيويورك تايمز» مع فلسطينيين في غزة يوم الأربعاء عن دعم شعبي واسع النطاق للمقترح الذي يدعو إلى إنهاء فوري للحرب التي جلبت معاناةً هائلةً للمدنيين.
وقال بلبل، إنّ جيرانه لم يتحدّثوا خلال اليومين الماضيين تقريباً سوى عن اقتراح وقف إطلاق النار. وأضاف، أنّه إذا رفضت حماس الاقتراح، فستغادر عائلته مدينة غزة أخيراً، وتتجه إلى ما يأمل أن يكون آمناً نسبياً في جنوب القطاع.
قال بلبل: «على حماس أن تفهم: طفح الكيل». وأضاف،«أنّ معظم سكان غزة ليسوا أعضاءً في الحركة، فلماذا يُجرّوننا إلى هذا»؟
شروط خطة ترامب
تشترط الخطة على»حماس«إطلاق سراح الرهائن المتبقين الذين احتجزتهم خلال عملية» طوفان الأقصى«في غضون 72 ساعة من دخول الاقتراح حيّز التنفيذ. ويشمل ذلك ما يُقدّر بـ 20 مختطفاً يُعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة، وجثث حوالي 25 آخرين.
في المقابل، ستفرج إسرائيل عن حوالي 250 أسيراً فلسطينياً يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد في إسرائيل، و1700 غزّي إضافي اعتُقلوا خلال الحرب، ورفات 15 أسيراً غزّياً قتيلاً، مقابل كل رهينة إسرائيلي تُعاد جثته.
إلا أن الاقتراح يتضمن عدة عناصر وصفتها حماس بأنها غير مقبولة تشمل حظراً على ممارسة الحركة أي سلطة مستقبلية في غزة، واشتراطاً بنزع سلاحها، وتشكيل حكومة انتقالية يشرف عليها مسؤولون أجانب، بمن فيهم دونالد ترامب وتوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق.
وعلى الرغم من تفاؤل عدد من سكان القطاع بالمقترح الذي بعث الأمل في إنهاء الحرب، لكن آخرين كانوا أقل تفاؤلاً، إذ يرون أن الشروط الأمريكية تجعلهم يشككون في موافقة حماس. وقال آخرون، إن شكوكهم نابعة من أمر أكثر جوهرية ومرارة: ببساطة، لم يعتقدوا أن حماس ستضع مصالح الشعب الفلسطيني فوق مصالح المنظمة.
وقف الحرب بأي ثمن
قالت نسايم مقاط، 30 عاماً، التي فرت من الحملة العسكرية الإسرائيلية في مدينة غزة إلى جنوب القطاع الاثنين مع ابنتها الصغيرة سيلين: نموت هباءً، ولا أحد يهتم لأمرنا. على حماس أن تُحسن الظن بنا، وبما مررنا به.
وقال عبد الحليم عوض، 57 عاماً، الذي يُدير مخبزاً في دير البلح، وسط غزة، إنه سيقبل بأي ثمن تقريباً لإنهاء الحرب. لكنه قال، إنه لا يعتقد أن حماس يُمكن أن تقول الشيء نفسه. وأضاف: لا يكترثون بما يعتقده الناس أو الرأي العام. لو كانوا يهتمون بذلك، لما كنا في هذا الوضع.
إجبار الطرفين
في خان يونس، جنوب غزة، قال محمود أبو مطر، 35 عاماً، إنه يأمل أن تتمكن الولايات المتحدة بطريقة ما من إجبار«حماس» على قبول الاتفاق، ثم إجبار كل من الحركة وإسرائيل على الالتزام بشروطه. وقال، إن القتال أجبره على التنقل في شمال غزة 10 مرات مع زوجته وأطفاله الثلاثة.
ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يعيش نحو مليونين ونصف المليون إنسان في قطاع غزة المكتظ بالسكان، في ظل أوضاع مأساوية نتيجة الحرب الإسرائيلية التي دمرت البنية التحتية، قتل خلالها أكثر من 65 ألفاً من المدنيين، وأجبرت الآخرين على النزوح من مناطقهم في ظل مجاعة خانقة فتكت بالمئات نتيجة الحصار الإسرائيلي الخانق.
0 تعليق