«ملتقى الأمين» يرسخ قيم التلاحم والتعاون والمسؤولية المشتركة

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دبي: «الخليج»
برعاية سموّ الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي، وبحضور سموّ الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران المدني رئيس مطارات دبي الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات والمجموعة، وسموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، اختتمت «خدمة الأمين» أمس أعمال «ملتقى الأمين 2025»، مرسخاً مكانته منصةً فكريةً رائدة لصياغة مستقبل مفهوم «الأمن المجتمعي» في دولة الإمارات.

وفي كلمتها الرئيسية، قدّمت سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، طرحاً عميقاً حول دور الثقافة كخط دفاع أول.

وأوضحت سموها أن المجتمع المحصّن ثقافياً هو مجتمع آمن بطبيعته، وقادر على التمييز في خضم طوفان المحتوى الرقمي، مؤكدةً أن المهمة الأبرز اليوم هي الانتقال بالثقافة من إطارها التقليدي وتفعيل دورها أداةً حيّة تشكل وعي الإنسان ووجدانه، مشيرةً سموها إلى أن المجتمع الذي يحتفي بإبداعه وهويته ويسهم في إنتاج محتوى هادف، هو مجتمع يمتلك أقوى أدوات الحماية الفكرية والمجتمعية.

إلى ذلك، قامت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم بجولة في المعرض المصاحب الذي أقيم على هامش الملتقى، حيث اطلعت سموها خلال الجولة على جانب من المبادرات والخدمات العملية التي تترجم مفهوم الأمن المجتمعي إلى تجربة واقعية، حيث استقطب المعرض مشاركة فاعلة من عدد من الجهات الرائدة.

تلاحم وتعاون

وجاء انعقاد «ملتقى الأمين»، في إطار «عام المجتمع»، بهدف تأكيد قيم التلاحم والتعاون والمسؤولية المشتركة للمجتمع في ترسيخ الأمن، بينما جسّد «ملتقى الأمين» هذه الرؤية الوطنية من خلال تحويل أهداف «عام المجتمع» إلى حوار فكري وعملي، يركز على أن قوة المجتمع وتماسكه ركيزة أساسية لمنظومة الأمن الشامل والمستدام للدولة.

وخلال الحدث، وفي خطوة عملية تجسّد التوجهات المستقبلية للأمن المجتمعي، تم إطلاق خدمة «أفاتار الأمين الذكي» Al Screen المدعوم بالذكاء الاصطناعي، والتابع ل«خدمة الأمين». والخدمة هي واجهة رقمية تفاعلية مصممة لتقوية جسور التواصل بين خدمة الأمين والمجتمع، وتهدف الخدمة المبتكرة التي ستتواجد في الأماكن العامة إلى تحويل تلك الأماكن إلى مراكز استباقية للأمان من خلال استخدامها لتسهيل الإبلاغ عن الحوادث، ومن ثم نشر الوعي الأمني بطريقة مبتكرة بين أطياف المجتمع، مما يمثل نقلة نوعية في مفهوم الشراكة المجتمعية.

وتعتمد الخدمة على مجموعة من التقنيات المتطورة التي تجعلها فريدة من نوعها، فعند اقتراب أي شخص من الشاشة، يظهر «أفاتار» لبدء حوار تفاعلي طبيعي. وتتيح الشاشة للمستخدمين الإبلاغ عن الحوادث أو الأنشطة المشبوهة بسرية تامة، مع خيار التواصل الافتراضي المباشر مع موظف الخدمة عند الحاجة. ولضمان فهم أعمق للموقف، تم تزويد النظام بتقنية الذكاء الاصطناعي القادرة على تحليل المشاعر وتعبيرات الوجه ولغة الجسد، مما يساعد على تكييف أسلوب المحادثة وإثراء البلاغ بمعلومات دقيقة. كما يدعم النظام لغات متعددة مع ترجمة صوتية فورية، لضمان سهولة الوصول للجميع.

حضر الملتقى الشيخ زايد بن حمد بن حمدان آل نهيان، رئيس الجهاز الوطني لمكافحة المخدرات، والشيخ عبدالله آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، كما حضر الحدث كلٌ من حصة بنت عيسى بوحميد، المدير العام لهيئة تنمية المجتمع في دبي، والفريق عوض حاضر جمعة المهيري، نائب رئيس جهاز أمن الدولة بدبي، واللواء تميم محمد المهيري، مدير عام جهاز أمن الدولة بدبي، واللواء سهيل سعيد الخييلي مدير عام الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ، والمهندس مروان أحمد بن غليطة، مدير عام بلدية دبي، وعمر بوشهاب، مدير عام دائرة الأراضي والأملاك في دبي، وعدد من كبار المسؤولين.

حوارات استراتيجية

وقد شهد الملتقى سلسلة من الكلمات الرئيسية والجلسات الحوارية الثرية التي استعرضت الأبعاد المختلفة للأمن المجتمعي، حيث قدم نخبة من كبار المسؤولين وصناع القرار رؤاهم حول كيفية بناء مجتمع آمن ومستقر. وفي هذه المناسبة، أكد الفريق طلال حميد بالهول الفلاسي، رئيس جهاز أمن الدولة بدبي، أن الملتقى يجسد رؤية القيادة في تطوير المفهوم الأمني ليتناسب مع متطلبات المستقبل. وقال: الأمن المجتمعي هو فلسفتنا الراسخة، فالأمن الحقيقي يبدأ من وعي الفرد وينمو بتكاتف المجتمع. هذا الملتقى هو خطوة متقدمة لتفعيل دور كل فرد ومؤسسة ليكونوا شركاء حقيقيين في منظومة أمنية شاملة، قادرة على استيعاب متغيرات العصر وحماية مكتسباتنا الوطنية.وحول دور تنمية المجتمع، أشارت حصة بنت عيسى بوحميد، المدير العام لهيئة تنمية المجتمع في دبي، إلى أن التماسك الأسري والعلاقات الاجتماعية القوية في أحيائنا هي الصمام الحقيقي للأمان. مؤكدة أننا نستثمر في الإنسان لنبني مجتمعاً قوياً يحمي نفسه بنفسه.كما تناول المهندس مروان أحمد بن غليطة، مدير عام بلدية دبي، البعد العمراني، مؤكداً أن تخطيط مدننا يجب أن يركز على بناء «الفريج» الحديث الذي يعزز التواصل الإنساني والانتماء، فبنية المكان هي التي تصنع هوية المجتمع وأمنه.

وتحدث عمر بوشهاب، مدير عام دائرة الأراضي والأملاك في دبي، عن البعد السكاني، مؤكداً أن التنوع في دبي هو مصدر قوة. مهمتنا هي تحويل هذا التنوع إلى تلاحم مجتمعي راسخ، فهو أساس استقرارنا وأمننا وازدهارنا.

المعرض المصاحب

واستعرضت مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال خلال المعرض المصاحب الذي أقيم على هامش الملتقى، خدماتها في مجال الحماية الأسرية، فيما أبرزت مبادرة «فرجان دبي» دورها في تقوية الروابط الاجتماعية بين سكان الأحياء. كما حظيت حملة «دمي لوطني» التي أطلقتها هيئة الصحة بدبي بتفاعل كبير، لتعزيزها قيم التكاتف الوطني، إلى جانب مشاركة كل من هيئة تنمية المجتمع بدبي وهيئة الثقافة والفنون في دبي اللتين استعرضتا برامجهما الهادفة إلى ترسيخ الهوية والنسيج الاجتماعي وتعزيز الأمن الوطني.

وجاءت مشاركة «هيئة دبي الرقمية» لتؤكد على تكامل الأدوار في حماية المجتمع، حيث استعرضت جهودها في ترسيخ معايير الأمان الرقمي، وأبرزت دورها المحوري في بناء حصن رقمي متين يحمي الهوية الرقمية لأفراد المجتمع.

كما شاركت مؤسسة تنظيم الصناعة الأمنية «سيرا» في «ملتقى الأمين» لدعم صون الإرث وتعزيز الأمان المجتمعي، كما تشمل جهود المؤسسة برامج توعية وتدريب تُنمّي الانضباط والمسؤولية لدى النشء، مع تمكين المرأة في بيئات تراعي خصوصيتها. وخلال الفعالية، عُرض فيديو يُبرز مبادرات مؤسسة تنظيم الصناعة الأمنية «سيرا» لصون الإرث وتعزيز الأمان المجتمعي تحت شعار «مؤسسة تنظيم الصناعة الأمنية... تصنع أمان اليوم... وإرث المستقبل».

نحو مستقبل أكثر أماناً

وخلص الملتقى إلى أن «الأمن المجتمعي» لم يعد يقتصر على دوره التقليدي، بل تطور ليصبح منظومة متكاملة ترتكز على حصانة المجتمع الفكرية والثقافية، وتماسك نسيجه الاجتماعي، وقدرته على مواجهة تحديات العصر الرقمي بوعي ومسؤولية مشتركة.

واختتم الملتقى أعماله بتأكيد الحاضرين على أن «الأمن المجتمعي» هو رحلة مستمرة من العمل المشترك، تتطلب تضافر الجهود لترجمة التوصيات التي خرج بها الملتقى إلى مبادرات فاعلة، تعزز منعة المجتمع الإماراتي وتحافظ على مكانة دبي كواحدة من أكثر مدن العالم أماناً واستقراراً.

وفي سياق متصل، أكد عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، أهمية دور صناع المحتوى في صياغة وعي جمعي يعكس قيم الدولة وهويتها الأصيلة ويسهم في ترسيخ سمعة الوطن وتعزيز صورته الإيجابية في العالم. وأشار خلال جلسة ضمن ملتقى الأمين تحت عنوان «الإعلام في عصر المؤثرين الاجتماعيين» إلى أهمية توظيف طاقات المؤثرين الاجتماعيين لبناء سردية وطنية تعكس مكانة الإمارات، وتُظهر للعالم نموذجها الإنساني والتنموي الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وهي رؤية تجعل من «الثقافة في عصر المؤثرين» أداة لصناعة الوعي، لا مجرد وسيلة للاستهلاك السريع للمحتوى.

واستهل الجلسة بتوجيه الشكر إلى سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي، على رعايته لملتقى الأمين، مشيراً إلى أن هذا الملتقى أصبح منصة رائدة لترسيخ مفاهيم الوعي والمسؤولية المجتمعية، وتعزيز الشراكة بين الأفراد والمؤسسات في حماية النسيج الوطني وصون مكتسباته.

ولفت إلى أن الملتقى يجسد رؤية القيادة الرشيدة في بناء مجتمع واعٍ، يدرك أن الأمن بمفهومه الحديث لا يقتصر على البعد المادي، بل يشمل الأمن الفكري والثقافي والاجتماعي في ظل التحولات الرقمية المتسارعة التي تشهدها المنطقة والعالم. وأكد أن السمة الأبرز لعصرنا هي انتقال الثقافة والمعرفة من دائرة النخب والمؤسسات إلى فضاء جماهيري مفتوح، الأمر الذي جعل من المؤثرين الاجتماعيين قادة رأي جدد في المشهد الحالي، حيث يمتلكون قدرة واسعة على تشكيل وعي الأجيال وصياغة اتجاهات الفكر والسلوك.

وقال: «إن هذا التحول، رغم ما يحمله من فرصٍ كبيرة للتواصل ونشر المعرفة، يضع أمامنا مسؤوليات أعظم في حماية قيم المجتمع وصون هويته الثقافية، فالتأثير أصبح اليوم سلاحاً ذا حدين، يضيء طريق الوعي حين يستخدم بمسؤولية، وقد يضل البوصلة إذا غابت عنه الأخلاق والمصداقية».

وأضاف: «المؤثرون اليوم ليسوا مجرد صناع محتوى، بل شركاء فاعلون في التنمية وصون الأمن المجتمعي، حيث يمتلكون طاقة تأثير يمكن توظيفها في خدمة القيم الوطنية وتعزيز الوعي الصحي والبيئي والاجتماعي، وإن مسؤوليتنا تتمثل في تمكينهم وتأهيلهم ليكونوا سفراء لرسالة الإمارات الإنسانية، يساهمون في ترسيخ الانتماء والولاء، وتحويل المنصات الرقمية إلى فضاءات لبناء الوعي وصناعة الأمل وبناء وعي جماعي يخدم مصالح المجتمع والوطن».

وأشار إلى أن بعض أنواع المحتوى السريع والترفيهي قد تشكل تحدياً ثقافياً أمام المجتمعات، خاصة عندما تهيمن على مساحات واسعة من صناعة المحتوى دون محتوى هادف أو علمي، إذ يمكن أن تؤثر في مهارات مثل القراءة والتفكير النقدي، وتضعف الذائقة، وتحول القضايا العميقة إلى مجرد ترفيه. ومن هنا، تبرز أهمية بناء وعي رقمي.

وأكد أن بناء وعي مستدام يتطلب هندسة متكاملة للعلاقة بين الثقافة والإعلام والمجتمع، مشيراً إلى أهمية استمرارية الرسائل وتكرارها، وإيجاد تكامل فعال بين الإعلام التقليدي والمؤثرين الاجتماعيين لتعزيز الثقة وتوسيع نطاق التأثير. واختتم رئيس المكتب الوطني للإعلام الجلسة بالتأكيد على أن الإعلام لا يمكن أن يكون أسيراً للخوارزميات، بل يجب أن تكون القيم البوصلة التي توجه المحتوى، مشيراً إلى أن المؤثر الحقيقي هو من يترك أثراً إيجابياً يتجاوز عدد المتابعين، ويصبح شريكاً في التنمية وليس مجرد صانع محتوى ترفيهي، منوهاً بأن حماية المجتمع تبدأ من وعيه، والإعلام والثقافة هما خط الدفاع الأول.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق