تسارع مشهد الجفاف في العراق بوتيرة غير مسبوقة، خلال الفترة الماضية، وسط تحذيرات من انهيار بيئي يطال نهري دجلة والفرات والمسطحات المائية الممتدة من الشمال إلى الجنوب.
وشكَّلت الأنهار على مدى آلاف السنين شريان الحياة في العراق المُلقبة ببلاد الرافدين، لكنها بدأت في الانكماش يوماً بعد آخر، في مشهد يعكس أزمة مائية هي الأشد منذ نحو قرن.
أزمة مياه ممتدة في العراق.. التداعيات خطِرة
أكَّد طورهان المفتي، مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون المياه، أن بلاده تواجه تحديات مائية معقدة ناجمة عن أسباب خارجية مرتبطة بالتغير المناخي وأخرى داخلية تتعلق بالتجاوزات على الأنهار، وفقاً لقناة دجلة.
وأشار إلى أن العراق تُعد ضمن أكثر 15 دولة تأثراً بالتغير المناخي، وأن خط المطر تراجع نحو الشمال بنحو 100 كيلومتر، مؤكداً انخفاض معدلات التساقط المطري في حوضي دجلة والفرات بنسبة بلغت 60%، ما أدى إلى شح حاد في الموارد المائية.
وأضاف أن الأزمة تتفاقم بسبب التجاوزات على الأنهار والمضخات غير القانونية والزراعة خارج الخطط الحكومية.
استخدام الورقة الاقتصادية في المفاوضات
كشف طورهان المفتي أن الحكومة العراقية استخدمت للمرة الأولى الأوراق الاقتصادية في المفاوضات المائية مع دول الجوار لضمان الحقوق المائية، موضحاً أن الاتفاق الإطاري للمياه الذي وُقع عام 2024 مع تركيا يمثل خطوة عملية جديدة نحو تأمين الإطلاقات المائية.
وتابع أن التعهد التركي الأخير تضمن إطلاق مليار متر مكعب من المياه، نصفها نحو دجلة والنصف الآخر إلى الفرات، معرباً عن أمله بأن تسفر زيارة وزير الخارجية التركي إلى بغداد عن اتفاق يضمن تنفيذ الإطلاقات فعلياً.
تحذيرات بيئية قاسية بسبب قلة أمطار العراق
من جهته، حذر مرصد العراق الأخضر من أن البلاد تحتاج إلى أمطار تستمر أكثر من ثلاثة أشهر وبمعدلات عالية لرفع المناسيب في الأنهر والسدود، مؤكداً أن مخزون المياه قد ينخفض إلى أقل من 4% في حال تأخر سقوط الأمطار.
وقال المرصد في بيان نشرته قناة الرشيد: إن ملف المياه كان مُهملاً، ما أدى إلى تفاقم الجفاف ليشمل المحافظات الجنوبية والغربية وحتى شمال بغداد.
ولفت إلى أن العراق يواجه الأزمة الأشد منذ 90 عاماً، وأن الأمطار المتفاوتة لا تكفي لإنقاذ الوضع المائي دون هطول مستمر وكثيف، محذراً من إعلان تركيا نيتها إطلاق مليار متر مكعب من المياه دون ضمانات واضحة.
جنوب العراق في مواجهة العطش
رصدت التقارير الميدانية أن محافظات البصرة وذي قار وميسان تواجه تراجعاً حاداً في منسوب المياه العذبة، مع زيادة ملوحة شط العرب وتقلص مساحات الأهوار التي كانت تعد نظاماً بيئياً فريداً في العالم.
وخسر المزارعون في جنوب العراق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، فيما اضطر كثير منهم إلى ترك مناطقهم بحثاً عن مصادر رزق جديدة.

















0 تعليق